فصل: وفاة مشرف الدولة وملك أخيه جلال الدولة.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة مشرف الدولة وملك أخيه جلال الدولة.

ثم توفي مشرف الدولة أبو علي بن بهاء الدولة بن بويه سلطان بغداد في ربيع الأول سنة ست عشرة وأربعمائة لخمس سنين من ملكه ولما توفي خطب ببغداد لأخيه جلال الدولة وهو بالبصرة واستقدم فلم يقدم وانتهى إلى واسط فأقام بها يخطب لأبي كليجار ابن أخيه سلطان الدولة وهو يومئذ بخوزستان مشغول بحرب عمه أبي الفوارس كما قدمناه فحينئذ أسرع جلال الدولة من واسط إلى بغداد فسار الجند ولقوه بالنهروان وردوه كرها بعد أن نهبوا بعض خزائنه وقبض على وزيره أبي سعيد بن ماكولا واستوزر ابن عمه أبا علي واستحث الجند أبا كليجار فعللهم بالوعد وشغل بالحرب وكثر الهرج ببغداد من العيارين وانطلقت أيديهم وأحرقوا الكرخ ونهاهم الأمير عنبر عن ذلك فلم ينتهوا فخافهم على نفسه فلحق بقرواش في الموصل وعظمت الفتن ببغداد.

.استيلاء جلال الدولة على ملك بغداد.

ولما عظم الهرج ببغداد ورأى الأتراك أن البلاد تخرب وأن العرب والأكراد والعامة قد طمعوا فيهم ساروا جميعا إلى دار الخلافة مستعتبين ومعتذرين عما صدر منهم من الانفراد باستقدام جلال الدولة ثم رده واستقدام أبي كليجار مع أن ذلك ليس لنا وإنما هو للخليفة ويرغبون في استدعاء جلال الدولة لتجتمع الكلمة ويسكن الهرج ويسألون أن يستخلف فأجابهم الخليفة القادر وبعث إلى جلال الدولة فسار من البصرة فبعث الخليفة القاضي أبا جعفر السمناني لتلقيه ويستخلفه لنفسه فسار ودخل بغداد سنة ثمان عشرة وأربعمائة وركب الخليفة لتلقيه ثم سار إلى مشهد الكاظم ورجع ودخل دار الملك وأمر بضرب النوب الخمس فراسله القادر في قطعها فقطعها غصبا ثم أذن له في إعادتها وبعث جلال الدولة مؤيد الملك أبا علي الرجحي إلى الأثير عنبر الخادم عند قرواش بالتأنيس والمحبة والعذر عن فعل الجند.

.أخبار ابن كاكويه صاحب أصفهان مع الأكراد ومع الأصبهبذ.

كان علاء الدولة بن كاكويه قد استعمل أبا جعفر عليا ابن عمه على نيسابور خوست ونواحيها وضم إليه الأكراد الجودرقان ومقدمهم أبو الفرج البابوني فجرت بين أبي جعفر وأبي الفرج البابوني مشاجرة وترافعا إليه فأصلح بينهما علاء الدولة وأعادهما ثم قتل أبو جعفر أبا الفرج فانتقض الجودرقان وعظم فسادهم فبعث علاء الدولة عسكرا وأقاموا أربعة أيام ثم فقدوا الميرة وجاء علاء الدولة وأعطاهم المال فافترقوا واتبعهم وجاء إليه بعض الجودرقان وانتهى في اتباعهم إلى وفد وقاتلوه عندها فهزمهم وقتل ابني ولكين في المعركة ونجا هو في الفل إلى جرجان وأسر الأصبهبذ وابنان له ووزيره وهلك في الأسر منتصف سنة تسع عشرة وأربعمائة وتحصن علي بن عمران بقلعة كنكور فحاصره بهاء الدولة وصار ولكين إلى صهره منوجهر قابوس وأطمعه في الدخس وكان ابنه صهر علاء الدولة على ابنته وأقطعه مدينة قم فعصى عليه وبعث إلى أبيه ولكين فسار بعساكره وعساكر منوجهر ونازلوا مجد الدولة بن بويه بالري وجرت بينهم وقائع فصالح علاء الدولة علي بن عمران ليسير إليهم فارتحلوا عن الري وجاء علاء الدولة إليها وأرسل إلى منوجهر يوبخه ويتهدده فسار منوجهر وتحصن بكنكور وقتل الذين قتلوا أبا جعفر ابن عمه وقبل الشرط وخرج إلى علاء الدولة فأقطعه الدينور عوضا عن كنكور وأرسل منوجهر إلى علاء الدولة في الصلح فصالحه.

.دخول خفاجة في طاعة أبي كليجار.

كان هؤلاء خفاجة وهم من بني عمرو بن عقيل موطنين بضواحي العراق بين بغداد والكوفة وواسط والبصرة وأميرهم بهذه العصور منيع بن حسان وكانت بينه وبين صاحب الموصل منافسات جرتها المناهضة والجوار فترددت الرسل بين السلم والحرب وسار منيع بن حسان سنة سبع عشرة وأربعمائة إلى الجامعين من أعمال دبيس فنهبها وسار دبيس في طلبه ففارق الكوفة وقصد الأنبار من أعمال قرواش فحاصرها أيام ثم افتتحها وأحرقها وجاء قرواش لمدافعته ومعه غريب بن معن فلم يجدوه فمضوا إلى القصر فخالفهم منيع إلى الأنبار فعاث فيها ثانية فسار قرواش إلى الجامعين واستنجد دبيس بن صدقة فسار معه في بني أسد ثم خاموا عن لقاء صنيع فافترقوا ورجع قرواش إلى الأنبار فأصلحها ورم أسوارها وكان دبيس وقرواش في طاعة جلال الدولة فسار منيع بن حسان إلى أبي كليجار بالأهواز فأطاعه وخلع عليه ورجع إلى بلده يخطب له بها.